recent
Articles récents

مفهوم الحياة المدرسية


مفهوم الحياة المدرسية



تعريف الحياة المدرسية 


تعتبر الحياة المدرسية صورة مصغرة للحياة الاجتماعية في أماكن وأوقات مناسبة، وتهتم بالتنشئة الشاملة لشخصية المتعلم بواسطة أنشطة تفاعلية متنوعة تشرف عليها هيأة التدريس والإدارة ويسهم فيها مختلف الشركاء. 

ويمكن تعريف الحياة المدرسية بأنها الحياة التي يعيشها المتعلمون في جميع الأوقات والأماكن المدرسية (أوقات الدرس والاستراحة والإطعام...؛ الفصول والساحة والملاعب الرياضية، ومواقع الزيارات والخرجات التربوية...)، قصد تربيتهم من خلال جميع الأنشطة الدينية والتربوية والتكوينية المبرمجة التي تراعي الجوانب المعرفية والوجدانية والحس حركية من شخصياتهم، مع ضمان المشاركة الفعلية والفعالة لكافة الفرقاء المعنيين (متعلمون، مدرسون، إدارة تربوية، أطر التوجيه التربوي، آباء وأمهات، شركاء المؤسسة...). 

وتبعا لذلك تروم الحياة المدرسية تحقيق تربية أساسها تعدد الأبعاد والأساليب والمقاربات والمساهمين، في إطار رؤية شمولية وتوافقية بين جميع الفاعلين والمتدخلين في المنظومة التربوية على مستوى المؤسسة، بانفتاح على محيطها الخارجي باعتباره امتدادا طبيعيا لها يساهم إلى جانبها، في التنشئة التربوية وتحقيق المواصفات المحددة في المنهاج الدراسي في شخصية المتعلمين، وتنمية الكفايات والقيم التي تؤهلهم للاندماج الفاعل في الحياة، دون أن يمس هذا الانفتاح على الخارج جوهر مهمة المؤسسة المتمثل في التربية والتكوين. وتشمل الكفايات والقيم، التي تروم الحياة المدرسية تحقيقها، أساسا: 

*الكفايات الاستراتيجية والتواصلية والمنهجية والثقافية والتكنولوجية. ويمكن تصنيفها إجمالا إلى كفايات مرتبطة بتنمية الذات، وكفايات قابلة للاستثمار في التحول الاجتماعي، وكفايات قابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية؛ 

*التربية على القيم الإسلامية والإنسانية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان ومبادئها الكونية؛ 

*التربية على الاختيار وتكوين شخصية مستقلة ومتزنة تتخذ المواقف المناسبة حسب الوضعيات المختلفة. 

أدوار الحياة المدرسية ومقوماتها 


لتحقيق مواصفات المتعلمين في نهاية الأسلاك التعليمية، ولتحقيق الكفايات المحددة في المنهاج، يتحتم على المدرسة الاضطلاع بأدوار جديدة، وتقديم خدمات تربوية تنسجم مع مفهوم التربية الحديثة، وتراعي خصوصيات جميع فئات المتعلمين بمن فيهم ذوي الحاجات الخاصة. وقد حدد الميثاق الوطني للتربية والتكوين بعض مواصفات المدرسة المغربية الوطنية الجديدة، بأن جعلها تسعى لأن تكون: 

* مفعمة بالحياة، بفضل نهج تربوي نشيط، يجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي؛ 

*مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي. 
المادة التاسعة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين 


ويتطلب بلوغ هدف إرساء المدرسة الحديثة: 

*جرد مختلف الأنشطة التربوية والتعليمية، وتثمين تلك التي لها ارتباط مباشر بالمهارات الحياتية؛ 

*تحديد أدوار مختلف الفاعلين والشركاء المنخرطين في الحياة المدرسية؛ 

*وضع آليات ملائمة لتفعيل الحياة المدرسية وتقويمها. 

وانطلاقا من الارتباط الوثيق بين الحياة المدرسية والحياة العامة، وما يفرضه ذلك من تفاعل وتجاوب مع المتغيرات الاقتصادية، والقيم الاجتماعية، والتطورات المعرفية والتكنولوجية، على المدرسة أن تنهض بأدوارها ومهامها التربوية والمؤسساتية والتنظيمية والاجتماعية بالارتكاز على عدة مقومات، أهمها: 

*إعمال الفكر، والقدرة على الفهم والتحليل والنقاش الحر، وإبداء الرأي واحترام الرأي الآخر؛ 

*التربية على الممارسة الديمقراطية وتكريس النهج الحداثي والديمقراطي؛ 

*ضمان النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا وحس حركيا؛ 

*تنمية الكفايات والمهارات والقدرات وبناء المشاريع الشخصية؛ 

*تكريس المظاهر السلوكية الإيجابية، والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية؛ 

*الاستمتاع بحياة التلمذة، وبالحق في عيش مراحل الطفولة والمراهقة والشباب من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها؛ 

*جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل؛ 

جعل المدرسة فضاء خصبا يساعد على تحرير الطاقات الإبداعية واكتساب المواهب في مختلف المجالات؛ 

*تنشيط المؤسسة ثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا وإعلاميا...؛ 

جعل الحياة المدرسية عامة، والعمل اليومي للمتعلم خاصة، مجالا للإقبال على متعة التحصيل الجاد؛ 

*الاعتناء بكل فضاءات وتجهيزات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاء مريحا؛ 

*اعتماد المقاربة التشاركية، ومقاربتي الجودة والتقييم؛ 

*اعتماد التدبير بالنتائج والتدبير بالمشاريع؛ 

*انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي... 



أنشطة الحياة المدرسية 


تشمل الحياة المدرسية جميع الأنشطة، التي يقوم بها المتعلم داخل أو خارج المؤسسة التعليمية. ولاعتبارات منهجية محضة، سيتم تصنيفها إلى صنفين متكاملين: 

 الأنشطة الفصلية 


هي أنشطة موزعة حسب المواد الدراسية، وتنجز من طرف مدرس القسم أو المادة، في وضعيات تعليمية تعلمية معتادة، داخل الحجرة الدراسية أو خارجها. 

 الأنشطة المندمجة 


هي أنشطة تتكامل مع الأنشطة الفصلية بفضل مقاربة التدريس بالكفايات، وقد يشارك في تأطيرها متدخلون مختلفون. كما أنها تسعى إلى تحقيق أهداف المنهاج، وتعطي هامشا أكبر للمبادرات الفردية والجماعية التي تهتم أكثر بالواقع المحلي والجهوي، بالإضافة إلى كونها تتيح إمكانية مناولة المواضيع والأحداث الراهنة، وتفتح المجال للتعلم الذاتي والملائم لخصوصيات المتعلمين. 

وتعتبر الأنشطة المندمجة مجالا خصبا للتجديد والتجريب التربوي لمقاربات وطرق وتقنيات... يمكن اعتمادها، عند ثبوت نجاعتها، في الممارسة الفصلية. وعليه، سيخصص لها حيز مهم في هذا الدليل للوقوف على مختلف مجالاتها، وتحديد مفهومها والأهداف التربوية المتوخاة منها، وكذا تقنيات تصريفها ومناولتها... وسيقتصر هذا الدليل على إعطاء تصور شمولي لها، على أن تتطرق الدلائل الملحقة به لتفصيل كل مجال على حدة. 

ومن جهة أخرى، اعتمد الميثاق الوطني للتربية والتكوين تصنيفا للأنشطة ينبني على تقسيم المنهاج إلى قسم وطني إلزامي، وقسم جهوي ومحلي، في حين صنف المخطط الاستعجالي هذه الأنشطة، في المشروع التاسع، إلى أنشطة تدريس المواد، وأنشطة الدعم المدرسي، ومواد وأنشطة التفتح. وقد خصص كل من الميثاق والمخطط الاستعجالي توزيعا زمنيا لمختلف الأنشطة سالفة الذكر. 

وحتى لا تستأثر الأنشطة الفصلية بمجمل الزمن المدرسي، مما لا يترك حيزا زمنيا كافيا لإنجاز الأنشطة المندمجة، تستحسن إعادة قراءة المضامين الدراسية في اتجاه تحويل بعض الأنشطة الفصلية إلى أنشطة مندمجة يستدعي تنفيذها فضاء مختلفا ومتدخلين متعددين، وذلك بإعداد مجزوءات خاصة بكل محور، جهويا أو وطنيا، وتخصص لها أحياز زمنية مناسبة في أفق تفعيل مقتضيات المخطط الاستعجالي في هذا الباب. 

أما الخصائص المطلوبة في مجزوءات الأنشطة المندمجة فتتجلى في التالي: 


وينبغي أن يخضع تنفيذ الأنشطة المندمجة لتقويم مواكب وتتبع للأثر على المدى القريب والمتوسط، وتقويم ختامي في نهاية كل مجزوءة أو مشروع أو سنة دراسية قصد: 

*التأكد من مدى تنمية الكفايات وتحقق الأهداف المقصودة؛ 

*التحقق من مدى فعالية كل عنصر من عناصر المجزوءة أو المشروع أو النشاط وملاءمته لتيسير بلوغ الأهداف؛ 

*مراجعة المجزوءات وأنشطتها قصد التحسين والتطوير؛ 

*تكوين بنك معطيات خاص بأنشطة البرامج المحلية لتعزيز إشعاع المدرسة في محيطها؛ 

*تعميق خبرة المربين المحليين في مجال بناء الأنشطة وتكييف المناهج وبلورة انفتاح المؤسسة على الحياة العملية ومتطلبات التنمية المحلية؛ 

*دعم هيأة الإشراف (التفتيش) للمجالس التربوية للمؤسسات ومواكبتها لإعداد وإنجاز وتقويم برامج الأنشطة المحلية لإثرائها وتقديم العون الممكن عند الاقتضاء؛ 

*قيام هيأة الإشراف بتنسيق تبادل التجارب بين المؤسسات لإثراء خبرات المربين. 

ومن جهة أخرى، تؤطر باقي مؤسسات المجتمع (الأندية الرياضية، المعاهد، دور الشباب، الجمعيات...)، باعتبارها شريكا للمؤسسات التعليمية في التنشئة الاجتماعية والتربوية لمواطني الغد، مجموعةٌ من الأنشطة الموازية التي تساهم في إبراز الطاقات وتنمية وصقل المواهب لدى المتعلمين. وعليه، يتعين على المؤسسات التعليمية التنسيق مع هذه المؤسسات، واستثمار الطاقات والمواهب في مختلف المجالات.




google-playkhamsatmostaqltradent